![]() |
||
التقدم العلمي في دراسة الجينات يعني أننا قادرون اليوم على التعرف بدقة على مدى قوة العلاقة بين الأنواع المختلفة وكلنا نعرف أن DNA هو جزئ الوراثة والكروموسوم هو خيط طويل من DNA يلتف حول نفسه ويحوي الجينات التي تحمل معلومات خاصة هذه المعلومات الجينية تشبه بصمة الإصبع وهي تجعل الحيوان وحدة منفردة وهي تحمل أيضا عناصر تؤكد أنه يشبه آباءه أو الأفراد الآخرين من نفس العائلة أو النوع.
الكلب المستأنس (عائلة canis) له 78 كروموسوم ، 38 زوجا بالإضافة إلى x, y يشبه الذئب (canis lupus) والقيوط (canis latrans – ذئب صغير في أمريكا الشمالية) وعائلة ابن آوي (canis aureus) وهي الحيوانات الوحيدة التي لها نفس العدد من الكروموسومات ويمكنها التزاوج معا بنجاح مما يعني أن الحيوانات الثلاثة قريبة الشبه مما يتصل بالتركيب الجيني.
![]() * الذئب canis lupus :
الذئاب قد تكون كبيرة أو صغيرة الحجم نسبيا وهي تتنوع بشكل كبير في ألوانها وطول الغطاء الشعري بحيث تتناسب مع البيئة المحيطة على سبيل المثال الشعر الأبيض لذئب القطب الشمالي يساعده على التخفي وسط بياض الثلج بينما اللون الرمادي أو البني أو الأسود للذئاب التي تعيش في المناطق الحالة يساعدها على التخفي وسط بياض الثلج بينما اللون الرمادي أو البني أو الأسود للذئاب التي تعيش في المناطق الحارة يساعدها على التخفي بين الحشائش والنباتات.
تناقص عدد الذئاب البرية حاليا بشكل كبير وانقرضت أنواع عديدة منها مثلا الذئب الياباني – الذئب الكيني، ذئب نيوفولاند الأبيض، كما توجد أنواع عديدة تواجه نفس المصير بسبب تعرضها للقتل من المزارعين أعدائها الطبيعيين.
تعيش الذئاب في قطعان وبالرغم من تنوع حجم القطيع وفقا لمصادر الغذاء المتوفرة إلا أن نظام التسلسل الهرمي بها يظل ثابتا حيث تؤول السيطرة على جميع أفراد القطيع إلى زوج يتولى مسئولية الرئاسة وهو الذي يقرر متى تبدأ رحلة الصيد وأين كما يختار الخطة المناسبة لإنجاح عملية القنص.
ونادرا ما يحدث التصارع أو القتال بين أفراد القطيع الواحد ويسيطر على الجميع نظام متقن للاتصال وتبادل المعلومات وتستخدم الذئاب التعبيرات الوجهية ولغة حركات الجسم ووسائل الاتصال الصوتية والشمية كلها كوسائل مهمة ومؤثرة للغاية للعمل معا بنظام الفريق الأمر الذي يجعلها قادرة على اصطياد فرائس أكبر حجما.
* القيوط (canis latrans – ذئب شمال أمريكي صغير) :
يشتهر هذا النوع من الذئاب بصوت عوائه كما أن وسائل الاتصال وتبادل المعلومات بين أفراده ليست معقدة وأقل كفاءة من أنواع الذئاب الأخرى تعيش القيوط في عائلات صغيرة في أجزاء متفرقة من الكرة الأرضية خاصة في المناطق التي انقرضت فيها الذئاب الكبيرة.
![]() * ابن آوي ( jackal ) :
يعيش ابن آوي في مجموعات صغيرة أو أزواج وفقا لكمية الغذاء المتاحة يوجد لابن آوي العديد من التحورات كي تتلاءم مع البيئة المحيطة ولهذا السبب فهي ذائعة الانتشار في مناطق مختلفة من العالم , ومنها ابن آوي ذو الظهر الفضي وابن آوي المخطط جانبيا يعيش في أفريقيا وابن آوي الذهبي يعيش في بورما .
ينتمي الكلب المستأنس إلى عائلة canine مثل الذئب وابن أوي والثعلب والدنج ولا يوجد حتى الآن دلائل مؤكدة تدل على أصل الكلاب ويدور الجدل بين العلماء عن الأسلاف البرية للكلب هل هي الذئب أم ابن آوي أم الدنج وتميل الأغلبية إلى اعتبار أن الذئب وابن آوي ينتميان إلى الشجرة الأصلية لعائلة الكلاب . كما توجد نظرية تؤكد أن الكلب canis ferus المنقرض حاليا هو أصل الكلب المستأنس . وعلى أية حال لا توجد دلائل على وجود هذا السلف حالية . ولهذا فإن النظرية لا تتجاوز حد الافتراض والتخمين ومع ذلك فإن هناك الكثير من الأماكن المجهولة في العالم حتى اليوم كما أن العلم يكتشف كل يوم مجاهل جديدة وربما توصل العلماء إلى اكتشاف واحد من هذه الكلاب المنقرضة لتتغير بعدها كل المفاهيم الخاصة بالأصول القديمة للكلاب وطالما لا توجد براهين ثابتة ومؤكدة تربط الكلب المستأنس إلى واحدة من السلالات الموجودة اليوم فإننا لا يمكن أن نتجاهل احتمالات أن الكلب ينتمي إلى سلالة مستقلة قائمة بذاتها .
طبقا للدراسات التي تمت على الــ DNA يعتقد أن الكلاب الأليفة تنحدر من الذئاب ( أو الكلاب تتقاسم الأصل المشترك مع الذئاب ) والواقع أن الذئاب نفسها ليست كلها متشابهة , كما أن التوزيع الجغرافي للذئاب مختلف الأنواع ويشترك مع التنوع العريض لكلاب اليوم المستأنسة .
لا أحد يستطيع إنكار التشابه البيولوجي لكل من الكلاب والذئاب فهي متشابهة في عديد من الوجوه .وتشريحيا فإن تركيب الأسنان بينهما يكاد يكون متماثلا وتؤدي نفس الوظائف كما أن الكلاب تحب المعيشة في قطيع عندما تتاح لها الفرصة وكلاهما يتمتع بحاستي شم وسمع قوية للغاية ويشتركان في تفضيلهما الحياة في جحور حيث يتبادل جميع أفراد القطيع توفير الحماية لهذه الجحور .
الكثيرة من الخصائص التي يمكن ملاحظتها في الكلاب ولكنها غير موجودة في الذئاب قد يرجع سببها إلى التربية الانتقائية التي حدثت لأسلافها من الذئاب وعلى سبيل المثال فإن أعين الكلاب تكون عادة أكثر استدارة من عيون الذئاب ولكن بفحص العيون جيدا نلاحظ أن الذئاب الكبيرة لها عيون ذات فتحات ضيقة تشبه الشق ولكن الذئاب الصغيرة لها أعين أكثر اتساعا وأكثر استدارة عن أعين آبائها .
تاريخ استئناس الإنسان للكلب
العلاقة الوطيدة بين الإنسان والكلب قديمة للغاية حيث تبرهن الرسوم البدائية للإنسان الأول أن الكلب شارك الإنسان في رحلات الصيد كما أن النبش في الآثار القديمة أثبت أن الكلب عاش مع الإنسان جنبا إلى جنب منذ 14000 سنة على الأقل .
![]() يوجد العديد من النظريات حول الأصول الأولى لإقامة العلاقة بين الإنسان والكلب والاعتقاد السائد أن الذئاب بدأت في التسكع حول معسكرات الإنسان لتتغذى على بقايا الأطعمة التي يقتاد بها وفي مقابل حصولها على هذا المدد الغذائي فإن الذئاب أقامت نظاما لحماية الإنسان كالإعلان عن قرب وصول حيوانات مفترسة كما صاحبت الإنسان في رحلات الصيد لمشاركته في عمليات الهجوم على الفريسة واقتطاع جزء منها .
وعلى وجه العموم فإن الدراسات الحديثة فتحت مجالا واسعا لمناقشة هذه النظرية وطرحت العديد من الأسئلة حول موضوع النشأة الأولى للعلاقة بين الإنسان وعائلة canin فإن المعروف أن الذئاب حيوانات برية مارست تجربة الافتراس والصيد . والواقع أن التجارب أثبتت أنه حتى في الحالات التي يتولى فيها الإنسان تربيته للذئاب وترويضها منذ اللحظة الأولى لولادتها في محاولة لاستئناسها فإنها تعود إلى طبيعتها المفترسة عند أول فرصة تسنح لها . مثل هذه الظواهر دفعت العلماء للاعتقاد بأن دراسة تاريخ الكلب وعلاقته بالجنس البشري أكثر تعقيدا مما يظن البعض.
هناك بعض الظنون بأن الوقت الذي تحول فيه نمط حياة الإنسان من الصيد المتجول إلى حياة الاستقرار في هذه الفترة انتشرت الذئاب حول مواقع مقالب النفايات التي تقع حول حدود القرى حيث تتوافر لهذه الحيوانات الفرصة للبحث والنبش عن بقايا الطعام . هذه الذئاب أصبحت أقل شراسة واقتربت من الإنسان الذي توجد شواهد تدل على أن وضع الذئاب نفسها ضمن قائمة الطعام المحببة له.
ويعتقد أن بعض الذئاب الصغيرة الشجاعة تسللت داخل معسكرات الإنسان كي تسمن أكثر وسعيا للوصول إلى المكان الرئيسي لمصدر الطعام بينما أظهرت أفراد أخرى مهارة في صيد الحيوانات البرية أو تنبيه الإنسان عن اقتراب عدو أو غريب . وعند هذه النقطة تحول حدث تاريخي عندما قام الإنسان بانتخاب أفراد صغيرة السن وأقل نشاطا كي تصبح عضوا فعالا ضمن فريق الصيد وعندها احتاج الذئب إلى تغيير العديد من سلوكياته الوحشية وعلى سبيل المثال تحورت وظيفة العين ليصبح المطلوب منها التركيز والتعرف على الفريسة كما تحتاج المطاردة إلى إتباع وسائل للتسلل الخفي للاقتراب بقدر كاف من الفريسة للاستفادة من عنصر المفاجأة كما تحتاج في الصيد إلى القدرة على طرح الفريسة للاستفادة من عنصر المفاجأة كما تحتاج في الصيد إلى القدرة على طرح الفريسة أرضا ثم العض بغرض الإمساك بها لحين وصول بقية أفراد القطيع وأخيرا القتل .
من المحتم أن بعضا من هذه الكلاب تفوقت على نظائرها فيما يتعلق بمسألة الصيد .. كما تتواجد أفراد منها تتميز بمهارات خاصة . فمنها صاحب الكفاءة العالية في التسلل الخفي وراء الفريسة ولكنها ذات كفاءة أقل في مسألة القتل , مثل هذه الأنواع استخدمها الإنسان في الرعي بينما احتفظت أفراد أخرى بشقاوة الطفولة وحب اللهو وكلنها لا تصلح لعمليات المطاردة والصيد وهذه استفاد منها الإنسان في مجال الحراسة . كما تتوافر أفراد أخرى من الكلاب تسيطر عليها غريزة حب التملك وهذه قام الإنسان بتشجيعها بغرض الاستفادة منها في مجالات الصيد لاستراداد واكتشاف الفرائس المقتولة .
وبهذه الطريقة فإن الكلاب ذات المهارات العالية التي وجد الإنسان إمكانية الاستفادة منها احتفظ بها وحرص على تربيتها والعناية بها . بينما قتل الإنسان الأفراد الأخرى وتتغذى بلحومها , والأجيال الباقية من هذه الحيوانات هي كلابنا الأليفة المستأنسة .
الكلب الإقليمي
الذئاب والكلاب من الحيوانات الإقليمية أي تعيش في قطعان في مناطق محددة وفي هذه المناطق يتعرف كل فرد منها على الآخرين كما يمكنه تمييز الغريب باستخدام حاستي الشم والبصر.
ولا شك أن القطيع يجد صعوبة في توفير الحراسة لحدود الإقليم الذي اختاره للإقامة والذي يجب أن تتوفر فيه شروط خاصة تكفل لجميع الأفراد مصادر طيبة للغذاء وأماكن مريحة للإقامة وجحورا ومخابئ مناسبة للتزاوج ورعاية الذرية ويقيم قطيع الكلاب طقوسا معينة لتحديد حدود الإقليم مستخدما في ذلك البول والفضلات كعلامات شمية تحدد بشكل قاطع حدود الإقليم.
تحاول قطعان الكلاب الأخرى المقيمة في نفس المنطقة شن غارات مفاجئة للاستيلاء على ثروات القطيع المنافس وهذا يعني أن جميع أفراد القطيع مشغولون بصفة مستمرة في البحث عن الكلاب الغريبة وعند اكتشاف واحد منها يتم استدعاء جميع أفراد القطيع على عجل لشن الحرب وعندها يقرر القائد الطريقة المناسبة للتعامل مع الموقف وقد يكتفي أحيانا بطرد الغريب دون إنزال أي عقوبة عليه.
هذا السلوك يجعلنا نعتقد أن الكلاب الأليفة المرباه في منازلنا تنظر إلى المواقع التي تعيش فيها على أنها حدود إقليمية من المعتاد أن تنبح الكلاب في مناطق حدودية لطرد الغرباء فهي تنبح عند البوابة الأمامية أو عند الباب الأمامي وعند سور الحديقة وهي المناطق التي تبدي عندها نواياها العدوانية نحو الغرباء.
ومن الأمور المثيرة أن الكلاب التي نصاحبها للتريض في مناطق معينة تعتبر هذه المناطق أيضا كإقليم خاص بها وربما تنظر إلهيا على أنها المناطق الخاصة برحالات الصيد والقنص التي كانت تمارسها أيام الحياة البرية ولهذا تقوم الكلاب على الفور بأداء الطقوس التقليدية لتحديد حدود الإقليم بالتبول والتبرز بصفة متكررة على طول المكان المخصص للتريض.
![]() HTML Attachment [ Scan and Save to Computer ]
هذا التشابه في السلوك يفسر لنا السر في استقبال الكلاب لبعضها في ترحاب عند المرور في نفس الشارع دون الدخول في مشاجرات أثناء اصطحابها في رحلات التريض اليومية.
تتحكم في الكلاب الأليفة قواعد صارمة عندما تقابل غيرها من الكلاب (لتأكيد حقيقة أنها غير معرضة للتهديد من الحيوانات الأخرى) حيث تقضى وقتا طويلا في تشمم آثار البول المتخلفة من الكلاب الأخرى الأمر الذي يحتمل أنه يمنحها إنذارا مبكرا عن مدى صداقة أو عداوة الكلاب الأخرى.
الكلب الاجتماعي
غريزة القطيع عند الكلاب
يستخدم هذا التعبير لوصف غريزة الكلاب للحياة في قطيع أو الاتصال بالآخرين من نفس النوع لتعظيم قوتها وتوجد مقولة قديمة " كلب واحد يعني حيوانا مستأنسا وكلبان يعني قطيعا " ونسوق فيما يلي هذه القصة لشرح غريزة القطيع المتأصلة في الكلاب.
|
![]() |