خامسا : اللمس :
تعتمد الكلاب الصغيرة ( الجرو ) اعتمادا كليا على حاستي اللمس والشم طوال الأسبوعين الأولين من عمرها . ومن أجل البقاء واستمرار الحياة يجب أن تدرك الكلاب الصغيرة معنى الدفء سواء في أحضان أمها أو بين طيات الفراش الذي تنام فيه . كما يجب أن تتعلم أين وكيف ترضع اللبن , ويلاحظ أن الجرو الصغير يدير رأسه نحو حلمة الثدي عن طريق حاسم الشم . وبالرغم من أن الجرو الصغير يولد أعمى وأصم إلا أنه يتلمس طريقه عن طريق حاستي الشم واللمس .
الاتصال اللصيق والحنون بين الأم والجرو في الأسابيع الأولى من الولادة يعد الصغير للحياة المستقبلية حيث يتقبل بسهولة التعامل اللصيق مع الإنسان والحيوان .
يعتبر الجلد هو عضو الحس كما أن الأنف حساسة للغاية للمس أما الشعر والأظافر فتتشابه تماما مع مثيلاتها في الإنسان من حيث إنها من جهة الحساسية تعتبر ميتة تماما حيث يمكن قطعها دون الإحساس بأي ألم .
تتنوع حاسة اللمس بدرجة كبيرة وهي تختلف وفقا للسلالة كما أنها تختلف من فرد لآخر . السلالات مثل الترير staffard shire , ومثل البلترير ( كلب قوي أبيض قصير الشعر ) والبكسر كلها ينظر إليها على أن حاسة اللمس لديها ضعيفة نسبيا ذلك لأنها مرباة أساسا لغرض القتال أو مهاجمة الطرائد وتمزيقها وبناء عليه فإن قدرتها على التحمل وطاقتها على الجلد والمقاومة يتحدد على أساس قدرتها على تحمل الألم والصمود . بينما سلالات أخرى مثل الشتلاند ( من كلاب الرعي ) أو الكولي ( كلب ضخم اسكتلندي الأصل ) يستخدم في رعي الأغنام فهي ذات حاسة للمس أعلى من السلالات الأخرى ويمكنها أن تجفل بسرعة تحت تأثير أي ملامسة أو عاطفة .
تعتبر مناطق الفم – الذيل – القدم – هي أكثر المناطق حساسية في جسم الكلب ولكن كثيرا ما تفقد قاعدة القدم حساسيتها بسبب المشي على الأسطح الخشنة . ومع ذلك فغن المناطق الأخرى هي المواقع الأولية في مجال الاتصال والتعرف بالملامسة بين الكلاب ومن الطبيعي أنها تكون حساسة أيضا عند ملامسة يد الإنسان لهذه المناطق أيضا .
وملامسة الكلاب الصغيرة والربت على مختلف أجزاء أجسامها تعتبر من الأوليات لكسب مودة الكلب وتزداد أواصر الصداقة بين الإنسان والكلب عند مصاحبة الملامسة بأشياء أخرى محببة للحيوان مثل تقديم الطعام أو ممارسة اللعب معه ومساعدة الحيوان على إدراك أن العلاقة مع الإنسان لا يجب الخوف منها . حتى لو وصلت العلاقة إلى حد الربط في سلسلة وتقييد الحرية .
تتلامس الكلاب مع بعضها أثناء التفاعل الاجتماعي وكثيرا ما تحدث الملامسة أثناء النوم حيث تبحث كلها عن الراحة والإحساس بالاطمئنان عند ملامسة بعضها البعض في أوقات الراحة حيث تتقاسم أجسامها الشعور بالدفء والأمان ولتشعر بنفس إحساس الأمان الذي كانت تشعر به في فترات طفولتها .
الحاسة السادسة :
يقال أحيانا إن الكلاب تمتلك الحاسة السادسة , ويظهر ذلك في بعض السلوكيات الخاصة التي لا يمكن تفسيرها . وعلى سبيل المثال تتوافر للكلاب حاسة التعرف على الوقت كما تتوافر لديها حاسة الإحساس بالاتجاه وأيضا بالتوازن .
وعلى وجه العموم فإن الكلب من خلال حواسه الخمس ( البصر – السمع – التذوق – اللمس – الشم ) يمكنه التعرف على العالم المحيط به ومن خلال هذه الحواس يمكن للإنسان أيضا أن يؤثر على الكلب ويتعامل معه .
الحياة العاطفية :
توجد للكلاب ( كما للإنسان ) حياتها الطبيعية والنفسية أيضا على سبي المثال عندما يرى الكلب قطة أو يسمع نباحا لكلب أخر أو يشم رائحة الأنثى في موسم التزواج فإنه ينفعل جسديا وعاطفيا . حيث تتوتر عضلاته وتزيد نسبة السكر في الدم ...... الخ . وللكلاب حياة عاطفية عريضة وكثيرا ما تعبر عن حالتها الذهنية بتعبيرات خاصة تظهر على الوجه وحركات الجسم حيث تهز ذيلها في حالات السرور وتدلي به بين أرجلها عند الخوف وعدم الراحة . وهناك كلاب تبكي بالدموع وأخرى تضحك بابتسامة عريضة وبعضها يبدو عليها العبوس عند التركيز وقد تظهر عليها علامات الإحباط أو الحزن الشديد .
* ردود الأفعال :
يشترك الإنسان مع جميع الحيوانات في إنها جميعا تظهر ردودا للأفعال بصورة فطرية . ومن أمثلة ردود الأفعال التقليدية زيادة إفراز اللعاب عندما يشم رائحة طعام شهية , ومن أشهر التجارب في هذا المجال ما قام به العالم الروسي الشهير بافلوف الذي اعتاد على دق الجرس في كل مرة يقدم فيها الطعام للكلاب وبعد ممارسة التجربة لمدة طويلة لاحظ أن إفرازات اللعاب عند الكلاب تزداد بمجرد دق الجرس .
الكلاب حيوانات يمكنها العيش في قطيع . وقد يتكون القطيع من كلبين فقط وقد يصل إلى أكثر من 10 – 12 . في الحالات التي يشترك فيها عدد كبير من الكلاب في مساحة معينة تتوافر فيها كميات محدودة من الطعام . وفي هذه الحالة يحدث نظام جديد للتعامل بين أفراد القطيع لتقليل فرص القتال إلى أقل قدر ممكن .
وبطبيعة الحال تحدث أحيانا ( مثل ما يحدث في أي مجموعة تعيش حياة اجتماعية مشتركة ) بعض المنازعات بين أفراد القطيع . ومع ذلك فنادرا ما يحدث الاعتداء الجسدي أو استخدام القوة الغاشمة التي تؤدي إلى الإصابة بجرح غائر فهم يدركون بالغريزة أن نقص أحد أفرادها يعني النقص في الكفاءة القتالية للمجموعة التي تحتاج إليها في مسائل صيد وقنص الفرائس ومن جهة أخرى فإن التصارع المميت يعني النقص في القدرة على رعاية الصغار .
من أجل القضاء على مخاطر القتال بين أفراد القطيع استنبطت الكلاب نظاما معقدا للتخاطب وتبادل الآراء . هذا النظام لا يعتمد بطبيعة الحال على كلمات أو جمل ولكنه يتضمن نظاما فعالا يعتمد على الإشارات البصرية أو السمعية أو الشمسية أو التلامس الجسدي وكلها بغرض أخبار إفراد القطيع من نفس السلالة عن الحالة المزاجية والنوايا .
تتميز نظم الاتصال بين الكلاب بالمهارة والبساطة فتبدأ برفع الحواجب والنظرة الخاطفة إلى وسائل أخرى أكثر تعقيدا مثل التكشير وإظهار الأسنان أو رفع الذيل , والواقع أن الكلاب التي عرفت منذ ولادتها دفء المهد ولقيت الرعاية والحنان من أمها وتلقت أساسيات تعلم لغة الكلام بين أقرانها من الكلاب الكبيرة خلال الاثنى عشر أسبوعا الأولى من عمرها يمكنها تنمية وسائله الخاصة في اللغة كما تتعلم بسهولة مهارات الحياة الاجتماعية وعلى وجه العموم فإن الأسابيع الأولى هامة جدا ومفيدة للغاية في تحديد النظام المستقبلي لحياتها .
لا تولد الكلاب وهي على دراية بكيفية استخدام الإشارات كما أنها تجهل المعاني الخاصة بهيئة الأم إنها في حاجة للتعلم تماما مثل الطفل الصغير الذي يتعلم اللغة والتي يكتسب مهاراتها تدريجيا باستمرار الممارسة والمحاولة .
الإنسان والكلاب يتبادلان الحديث عبر القرون
واحد من الأسباب التي سهلت العلاقة بين الإنسان والكلب أن نظام الاتصال بين أفراد الإنسان يشابه إلى حد كبير النظام الذي تمارسه الكلاب فيما بينها كل من الإنسان والكلب مارس جهودا لكبح جماح غريزة العدوانية وبناء عليه يمكن أن يجري بينهما حديث ودي دون الخوف من ظهور أي مخاطر لاعتداء أحدهما على الآخر .
تقضي الكلاب جزءا كبيرا من حياتها في اللهو ( حتى في الأوقات التي تتناقص فيها موارد الطعام أو عند الافتقاد إلى وجود ملجأ أمن مناسب ) ولا شك أن وسائل اللهو المختلفة في مجتمع الكلاب تشحذ من مهاراتها في القنص علاوة على المساعدة في اكتشاف الأفراد الأكثر مهارة والأسرع والأقوى بين صفوفها .. شيء مثل هذا يحدث مع الإنسان راقب مثلا ما يحدث في مباريات كرة القدم .من البديهي أن الكلاب لا تعرف العربية أو أية لغة أخرى كما أنها لا تفهم معنى الكلمات التي تتفوه بها ولكنها في الواقع تقوم بترجمة لغة أجسامنا كي تناغم بينها وبين صوت الكلمات الأمر الذي قد يعطي انطباعا مزيفا أن الكلاب تفهم أحاديثنا .
من المؤكد أن تفهم الطريقة التي ترى بها الكلاب عالمنا الخاص , وبذل المحاولة لفهم طرق الاتصال والتخاطب بينها , وكيف يمكن تعليمها الطريقة المناسبة لتعلم وتفهم كلماتنا . وكل هذه المهارات تساعدنا على إدراك الطريقة المثلى للتعامل مع الكلاب .
* بناء القطيع :
في قطعان الكلاب البرية . يظهر بينها نظام اجتماعي خاص يتميز باحترام التسلسل الهرمي بمعنى احترام الصغير للأكبر سنا . وعند التفكير في قيام القطيع برحلة صيد تظهر على الفور دلائل تشير على أن العمل يتم بين أفراد القطيع بروح الفريق المتعاون . ولا شك أن العمل بروح الفريق يعود بالفائدة على جميع أفراد القطيع حيث يمكنها اصطياد فرائس أكبر الجماعي يقلل من كمية المجهود المبذول في عمليات القنص , الأمر الذي يتيح أمام أفرادها الفرصة الكاملة والوقت اللازم لرعاية الصغار على أحسن وجه .
ويقتضي نظام العمل الجماعي أن يتعرف كل فرد في القطيع على الواجبات اللازم القيام بها وعليه أن يتولى إنجازها على أكمل وجه بدون مناقشة كما يلتزم الجمعي بالطاعة الكاملة لأموامر القائد ولا يعني ذلك أن نام الإدارة في القطيع يخضع لحكم ديكتاتوري صارمولكن هناك بعض من المرونة التي تسمح أيضا بالخروج عن النظام المألوف بحيث لا يؤثر على القواعد العامة المتعارف عليها وهو بلا شك نظام يماثل الطريقة الديمقراطية التي تمارس بها الإدارة الرشيدة أعمالها في إدارة أي مشروع تجاري ناجح في حياتنا الإنسانية , حيث يتولى الرئيس وضع الخطوط الرئيسية , ويمتلك كل وسائل الهيمنة والسيطرة على الإدارة , ولكنه في الوقت ذاته لا يمكنه تسيير كافة الأعمال في المؤسسة دون الاستعانة بمديرين أكفاء ورؤساء أقسام ذوي كفاءة ومقدرة .. الخ . قد يكون لبعض هؤلاء الموظفين رؤية خاصة للرقي بمستوى الأداء في العمل وعندما يشعر هؤلاء بوجود الحماية والموافقة المبدئية على حسن التصرف فإنهم يندفعون من تلقاء أنفسهم في الإبداع والرقي بالمؤسسة التي يعملون بها .
تحتفظ الآن الكلاب المستأنسة والأليفة المرباة في منازلنا بــ 75 % على الأكل من الصفات السابقة ومن وجهة أخرى فإن عمليات الاستئناس غيرت من " الطموح " الفطري لدى الكلاب لتصل إلى أدنى مستوى وهذه الحالة تناسب طبيعة ورغبات الإنسان , لأن هذا يعني أن قدرات الكلب على التنافس من أجل الوصول إلى مصادر الطعام أو الفوز بالأنثى قد تناقصت بشكل كبير خلال حياتها المنزلية بصحبة الإنسان حيث يعيش كلب واحد في صورة مستأنسة مع أفراد الأسرة ويحتمل مع حيوانات أخرى مثل القط والأرانب وهكذا نلاحظ أن غرائز الكلب البرية تناقصت بشكل ملحوظ وتحول في النهاية إلى حيوان أليف . واكتشفت بعض الكلاب أنها قادرة على الفوز بكثير من الجوائز خلال حياتها المستأنسة مع الإنسان حيث تفوز بالأريكة المريحة وقتما تشاء ويمكنها التريض على مهل من حين لآخر , بل يمكنها دفع الإنسان على مداعبتها مثل هذه الكلاب تتمتع بالذكاء حيث أدركت أنه من السهل التعايش مع الإنسان نفسه في سلام طالما واظبت على إطاعة أوامره وإتباع السلوكيات التي تتفق مع متطلباته مثل النباح عند رؤية الغريب أو الجري لالتقاط الفرائس بعد صيدها أو اقتفاء الأثر .
من المؤسف أن بعض الكلاب مازالت مصرة على الميول العدوانية التي قد تصل إلى العض اعتقادا منها أنها الوسيلة الفعالة للوصول إلى غاياتها . مثل هذه يمكن تعلميها وتدريبها بسرعة الأمر الذي يسرع من ترويضها كي تسلك سلوكا طيبا ويجب في هذه الحالة إعداد برنامج سلوكي مكثف .
من البديهي أن الكلاب لا تعرف العربية ولا تفهم معنى الكلمات التي تتفوه بها ولكنها تقوم بترجمة لغة أجسامنا كي تتناغم مع نبرات الكلمات الأمر الذي يعطي الانطباع أن الكلاب تفهم أحاديثنا .
من المؤكد أن تفهم الطريقة التي ترى بها الكلاب عالمنا الخاص وبذل المحاولة لفهم طرق الاتصال والتخاطب بينها وكيف يمكنها تعلم الطريقة المناسبة لترجمة كلماتنا . كل هذه المهارات تساعد على إدراك الطريقة المثلى للتعامل مع الكلاب ونلخص فيما يلي بعض وسائل الاتصال وتفهم لغة الكلاب .
الإشارات البصرية:-
تستعمل الكلاب العديد من الإشارات البصرية للتعبير عن حالتها العاطفية والنيات السلوكية وعندما نتعلم المعنى الذي تعنيه كل إشارة من هذه الإشارات يمكن تفهم لغة الكلاب بسهولة .
التعبيرات على الوجه :
تستعمل الكلاب التعبيرات على الوجه بكثرة , بعض هذه الإشارات قد يكون غامضا وبعضها واضحا , فتستخدم الكلاب عيونها , الفم , الشفاه , الأسنان , حتى الجبهة لنقل المعلومات .
